30 April 2015

خطورة الهم



عنوان الخطبة: خطورة الهم
لفضيلة الشيخ د: سعود الشريم
في المسجد الحرام  23/5/1431 هـ
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله.
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ( [سورة آل عمران: 102 ].
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [سورة النساء: 1 ].
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( [سورة الأحزاب: 70، 71 ].
أما بعد، فيا أيها الناس:
أيام المرء حبلٌ ممدودٌ لا يدري متى ينقطع، وطرفا هذا الحبل ماضٍ وحاضرٌ ومستقبلٌ، فلربما التفت إلى الماضي يتحسَّر عليه فيقنط، أو يحزن عليه فيكسل، ولربما التفت إلى المستقبل مُشرئِبًّا إلى معرفته قبل أوانه، وتذوُّقه قبل إِبَانه، والواقع - عباد الله - أنه ليس له إلا الحاضر الذي يعيش فيه؛ لأن أمس الماضي لا يجد لذَّته، ولا يُحسُّ بشدته، ولأن المستقبل غيب والأمر فيه على خطر؛ فما للمرء إذن إلا الساعة التي يعيش فيها فلن يستطيع رد الأمس ولا تعجيل الغد.
وهو ما دام ذا روح يُقلِّبها فهو يعيش على أمرٍ قد قُدِر، لا يخلو فيه من مصيبة، وقلَّما ينفكّ عن عجيبة، كما أن النسيم لا يهب عليلًا سرمدًا في حياة المرء دونما قتر؛ إذ المُنغِّصات كثيرة والمُشوِّشات حثيثة، والأُنس في الحياة ذو فتح وذو إغلاق، فمن هذه المخاطر والحادثات ينشأ هاجس أقلق القلوب وأفزع الرجال والنساء، ألا إنه: الهمُّ.
نعم الهم الذي هو: شعورٌ يعتري المرء فيودع في نفسه الحزن والاضطراب واليأس ليُزاحم الأُنس والاستقرار والفَأْل؛ فلا يهنَأْ حينها بنومٍ، ولا يلذُّ بطعام، ولا يسيغ شرابًا، نعم إنه الهم الذي يشعر المرء بأن النهار لن يدرك الليل، وأن الليل لن يعقبه نهار، ليجعل الدقيقة ساعات طويلة، ويا للهِ ما أطول الليلَ على من لم ينم!
الهمُّ يخترِمُ الجسيم نحافةً، ويُشيب ناصيةَ الصبي ويُهرمُ، الهمُّ - عباد الله - يجعل البال مُشتَّتًا، والفكر مشغولًا، يضيق على المرء الواسعة بما رَحُبَت ولو سكن قصرًا فخمًا أو برجًا مشيدًا؛ فيصير صدره ضيقًا حرجًا كأنما يصَّعَّدُ في السماء حتى يكون حَرَضًا أو يكون من الهالكين.
ومن منا يا تُرَى الذي عاش عمره كله بلا همٍّ، أو لم يُصِبْه دخانُ الهمِّ وغباره إلا من شاء الله؛ صاحب المنصب والشرف يتوجَّس فقدَه كل لحظة فيُصيبه الهمُّ، والأبَوَان همومهما كثيرةٌ بسبب حاضر الأولاد ومستقبلهم، فهما مهمومان بكسوة هذا، وتزويج تلك، وتوظيف هذه، وتربية ذاك.
وإنه لمُخطئٌ أشدَّ الخطأ مَنْ جعل الهمَّ حِكرًا على ذوي المسكنة ومُلتحفي المسغبة والإملاق؛ لأننا نرى كبراء مهمومين، وأغنياء مضطربين، كما أننا نرى فقراء راضِين مستقرين.
وإذا كان بعض الفقراء يُصابُ بالهمِّ من فراغ بطنه إبان إملاقه، فإننا نرى من الأغنياء من يُصابُ بالهمِّ بسبب تُخمة بطنه إبان إغداقه، وقولوا مثل ذلكم - عباد الله - في الصبي والشاب، والذكر والأنثى، والصحيح والسقيم، والغني والفقير.
إن الكثيرين في الواقع يتبرَّمون بالزوابع التي تُحيطُ بهم، والمُدلهمَّات التي تُفاجِئهم بين الحين والآخر مع أن المتاعب والآلام تربةٌ خصبةٌ تنبت على جوانبها بذور القوة والنشاط؛ إذ ما تفتَّقَت مواهبُ العظماء إلا وسط رُكامٍ من المشاق والجهود المُضنِية.
ولو رجع المرءُ إلى نفسه قليلًا لاتَّهَم مشاعرَه المُتأجِّجة تُجاه ما ينزل به، فمن يدري؟! رُبَّ ضارةٍ نافعة، وربما صحَّت الأجسامُ بالعلل، ورُبَّ محنةٍ في طيِّها مِنْحة، وكم بسمةٍ كانت بعد غُصَّة، ورُبَّ فرحةٍ بعد تَرْحة.
وإن الحوادث والخُطُوب - وإن شرَّقَت وغرَّبَت - فلن ينالك منها أيها المرء إلا ما كُتِبَ لك، ولن يُصرَف عنك منها إلا ما كُتِب أن يُصرَف عنك؛ فعلام الهمّ إذن؟ فعلام الهمّ إذن؟ فعلام الهم إذن أيها المرء؟!
ألا تدري أن عواقب الأمور تتشابه في الغيوب، فرُبَّ محبوبٍ في مكروه، ورُبَّ خيرٍ في شر )وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ( [سورة البقرة: 216 ].
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:
أيَّ يوميَّ منَ المرءِ أفِر
يومَ لا يُقدَر أو يومَ قُدِر
يومَ لا يقدرُ لا أحذَرُه
ومِن المقدُورِ لا ينجُو الحذِر
فعلام الهمُّ إذاً عباد الله ؟
مرَّ إبراهيم بن أدهم على رجل مهموم فقال له: إني سائلُك عن ثلاثة فأجِبْني، قال: أيجري في هذا الكون شيءٌ لا يُريدُه الله؟ أو ينقص من رزقك شيءٌ قدَّره الله؟ أو ينقص من أجلك لحظة كتبها الله؟ فقال الرجل: لا، قال إبراهيم: فعلامَ الهم إذاً؟
عباد الله:
إن الهمَّ جندٌ من جنود الله يبتلي به عباده لينظر ما يعملون، وهو وإن كان شعورًا وليس مادة إلا أنه أشدُّ أثرًا من المُؤذِيات المادية، ويؤكِّد ذلك ما ذكره علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حينما سُئِل: من أشد جند الله؟ فقال: «الجبال، والجبال يقطعها الحديد فالحديد أقوى، والنار تُذِيبُ الحديد فالنار أقوى، والماء يُطفِئُ النار فالماء أقوى، والسحاب يحمل الماء فالسحاب أقوى، والريح تعبثُ بالسحاب فالريح أقوى، والإنسان يتكفَّأ الريح بيده وثوبه فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان فالنوم أقوى، والهم يغلب النوم؛ فأقوى جند الله هو الهمُّ يُسلِّطُه الله على من يشاء من عباده»، ولقد صدق الله: )فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ( [سورة الأنعام: 125 ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنبٍ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد، فيا أيها الناس:
إن من سِمات شريعة الإسلام: الدلالة إلى ما فيه الخير والتحذير مما فيه الشر، وإن مما وجهت به شريعتنا الغراء أن الهموم المُفرطة خطر على كيان الأمة وإنتاجها؛ لأنه خيرٌ لكل مجتمع مسلم أن يستقبل الحياة ببِشْرٍ وأملٍ كي يستفيد من وقته ويغتال القعود والقنوط.
ولا يظن بعاقل أن يزهد بالأُنْس، وإذا ما غلبت المرءَ أعراضٌ قاهرةٌ فسَلَبَتْه الطمأنينة والرضا فإنه يجب عليه أن يجنح إلى الدواء الناجع الذي دلَّ عليه ديننا الحنيف حتى لا يكون الاستسلام لتيار الهمّ الذي يُولِّد انهيار الأعمال بالعجز والكسل؛ فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الصحيح يتعوَّذ بالله من الهمِّ والحزن، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قال إذا أصبحَ وإذا أمْسى: حَسبِي الله لا إلَه إلا هو عليه توكلتُ وهو ربُّ العرشِ العظيم سبع مرات، كفاه الله ما أهمَّه»؛ رواه أبو داود.
وعليك - أيها المهموم - أن تُرطِّب لسانك بذكر الله لتخرج من عنق الزجاجة إلى الفضاء والسعة، وإن زوال الهمِّ مرهونٌ بكثرة الاستغفار ولزومه، كما قال - صلَّ الله عليه وسلم -: «مَنْ لزِم الاستغفارَ جعلَ الله له من كلِّ ضيقٍ مخرجًا، ومنْ كلِّ همٍّ فرَجًا، ورزقَه من حيث لا يحتسب»؛ رواه أبو داود والنسائي.
إنه لن ينفع أحدَنا جنوحُه إلى زيدٍ، أو شكواه لعمرو ما دام لم يطرق باب أرحم الراحمين المُطَّلِع على الضمائر وما تُكِنُّه الصدور؛ لأن من فَقَدَ الأُنْس بالله فما عساه أن يجِد، ومن وَجَد الأُنْس بالله فما عساه أن يفقد، ففِرَّ من همومك - أيها العبد - إلى ربك خالقِك ومولاك.
دخل رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - المسجد ذات يوم، فإذا هو برجلٍ من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: «يا أبا أمامة! مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟» قال: همومٌ لزِمَتْني وديون يا رسول الله، قال: «أفلا أُعلِّمُك كلامًا إذا قلتَه أذهَبَ الله همَّك وقضَى عنك دَيْنَك؟» قال: بلى يا رسول الله، قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجُبْن والبُخْل، وأعوذ بك من غلَبة الدَّيْن وقهر الرجال»، قال أبو أمامة: ففعلتُ ذلك، فأذهَبَ الله همِّي، وقضى عني دَيْني»؛ رواه أبو داود.
عباد الله:
إذا كان اللجوء إلى الله - تعالى - سببًا في انسلال الهموم الجاثمة على المرء فإن ذكر الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه سببٌ في الأُنس وكفاية الهمِّ؛ فقد قال رجلٌ للنبي صلَّ الله عليه وسلم -: يا رسول الله! أرأيتَ إن جعلتَ صلاتي كلها عليك - أي: أصرف بصلاة عليك جميع الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي، قال صلَّ الله عليه وسلم : «إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمَّك من دنياك وآخرتك»، رواه أحمد.
ألا فاتقوا الله عباد الله وأحسِنُوا التعامل مع الهموم تُفلِحوا، وحذارِ أن تكون همومكم من نسيج خيالكم والواقع منها براء، وخذوا أمور الدنيا بأسهل ما يكون، وغُضُّوا الطرف عن مُذكّيات الهموم بالتغابي عنها؛ فإن الغبيّ ليس بسيدٍ في قومه لكن سيد قومه المُتغَابي، واعملوا على تخليص همِّكم من همِّكم لهمِّكم الأخروي، وإياكم وكثرةَ المعاصي فإنها كلاليب الهموم أجارنا الله وإياكم منها.
فاسْتأنِسوا يا إخوتي في اللهِ
إنَّ الهمومَ لَموحِشاتُ اللاهِي
ويلُ العبادِ من الهمومِ وإنها
تخبُو لدى مستأنسٍ باللهِ
هذا، وصلُّوا - رحمكم الله - على خير البرية وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ به بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّهَ بكم أيها المؤمنون، فقال - جل وعلا -: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [سورة الأحزاب: 56 ].
اللهم صلِّ وسلم وزِدْ وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر صحابة نبيك محمدٍ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح له بطَانته يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار.

سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

28 April 2015

خشونة الركبة

خشونة الركبة اسبابها وعلاجها وكيف تتخلص منها


تعد الركبة هي الجزء الأكثر بروزاً في جسم الإنسان . و تؤدي العديد من الوظائف الهامة و الأنشطة الأكثر حيوية مثل الوقوف و المشي و صعود و هبوط السلالم . و قد تًصاب بضغوط الركبة أو إصابات الركبة . و مع التقدم في السن قد تصاب بخشونة في غضروف الركبة أو ليونة في العظام . وتتعرض الركبة للعديد من التغيرات التي قد تؤدي إلي المزيد من الألم و الإلتهاب و التورم . و تعد خشونة الركبة هي مرض ينتج عن تأكل الغضاريف الناعمة التي تغطي سطح المفصل و بالتالي تؤدي إلي نعومة الحركة . حيث يحدث ضعف في تماسك هذه الغضاريف مما يؤدي إلي تشقق سطحها و تأكلها  تدريجياً إلي أن يصبح العظمة خالية من الغضاريف التي تحميها .و تحدث المزيد من الألم . و تزداد خشونة الركبة مع التقدم في السن .
752

أسباب خشونة الركبة :

  • يعد التقدم في العمر من أهم الأسباب وراء خشونة الركبة  ، وهناك عوامل أخري تشارك في زيادة نسبة الإصابة :
  • العوامل الوراثية .
  • الوزن الزائد .
  • العادات الخاطئة مثل الجلوس في وضع خاطئ و الوقوف لفترات طويلة و عدم ممارسة التمارين الرياضية .
  • إصابات الركبة مثل الإلتهابات و الكسور و تمزق الأربطة أو الغضاريف الهلالية.
  • الإجهاد القوي للركبة مثل تكرار صعود و هبوط السلم و ممارسة الرياضات العنيفة .
  • الإفراط في تناول اللحوم و البقوليات مما يزيد من نسبة حمض البوليك و هو ما يسبب خشونة الركبة .
  • تعرض المفصل لتيارات الهواء البارد ، و هذا يساعد علي زيادة خشونة الركبة .
  • تقوس الساقين ، يؤدي إلي حدوث تحميل زائد علي أجزاء محددة في المفصل .
خشونة الركبة

أعراض خشونة الركبة :

  • يحدث ألم بنفصل الركبة أثناء الضغط عليها .
  • قد تظهر بعض التورمات .
  • قد تسمع صوت إحتكاك داخل المفصل أثناء تحريكه ، و ذلك بسبب التأكل الذي حدث .
  • تحدث تقلصات و تشنجات عضلية حول مفصل الركبة المصاب .
  • يحدث تيبس في المفصل بعد الإستيقاظ مباشرة و يزول بعد مرور ساعة .
خشونة الركبة 2
و لحسن الحظ الأن أصبح هناك العديد من النصائح التي يمكنك إتباعها لمنع تزايد ألالم خشونة الركبة : 

إرشادات لعلاج خشونة الركبة :

  • تجنب الوقوف لفترات طويلة و صعود السلم و هبوطه بشكل متكرر لأن هذا يؤدي إلي زيادة الضغط علي مفصل الركبة مما يزيد من خشونة الركبة و ألالم الركبة .
  • تجنب  ثني مفصل الركبة ما بعد تسعين درجة سواء بتثبيتها تحت الكرسي الذي تجلس عليه أو بالجلوس علي كرسي منخفض أو بثنيها أثناء الصلاة خاصة و ضع قراءة صورة التشهد ، حيث يجب أن تجلس علي كرسي .
  • تجنب بعض أوضاع الجلوس الخاطئة كوضع القرفصاء أو  تربيع الساقين او الجلوس علي الأرض مع ثني الساق إلي أسفل الجسم .
  • تجنب إستخدام الدراجة الثابتة أو المتحركة . حيث أنها تؤدي إلي زيادة الإحتكاك بين المفاصل . و أيضاً حاول تجنب كل ما يؤدي إلي حدوث طرقعة  في الركبة .
  • يؤدي المشي بإنتظام إلي تحسين الدورة الدموية لغضاريف و أنسجة الركبة و تقوية العضلات  ، و لكن يجب أن يتم ذلك بدون حدوث إجهاد لمفصل الركبة . و يفضل المشي علي سطح مستوي مثل أرضية النادي الناعمة و الحديقة .و يفضل إرتداء الأحذية الرياضية أثناء المشي  ، فهي مهمة لأولئك الذين يعانوا من خشونة الركبة .
  • يساعد فقدان الوزن علي تخفيض الأحمال علي مفصل الركبة ، لذلك يجب الحد من النشويات و الدهون وتناول المزيد من الفواكه و الخضروات و ممارسة التمارين الرياضية .
  • يمكنك إستخدام عصا أثناء المشي لتقليل الضغط علي الركبة و إذا كان لديك ركبة مصابة يمكنك مسك العصا في الإتجاه المعاكس فمثلاً إذا كان لديك إصابة في الركبة اليمني ، تمسك العصا في اليد اليسري .
خشونة الركبة 3
  • عند صعود السلم لفترات طويلة ، و لتجنب الألم قم بالإستناد إلي جدار السلالم ، و إصعد درجة درجة و إصعد بالساق السليمة  أولاً .
  • ممارسة تمارين لعلاج خشونة الركبة :
  • يجب أداء تمرينات ساكنة للعضلة الرباعية للركبة لتقويتها و هي كالتالي :
  • وضع فوطة مبرومة أسفل الركبة ثم الضغط عليها بالركبة مع شد صابونة الركبة و مشط الرجل لأعلي و علي الإستمرار في هذا الوضع لأربع ثوان و الإسترخاء لأربع ثوان و يكرر التمرين عشر مرات .
  • و كتدرج للتمرين السابق يمكن النوم علي الظهر ثم ثني الركبة السليمة خمس و أربعون درجة ثم رفع الساق الأخري لنفس المستوي الساق المثنية مع شد عضلات مشط الرجل لأعلي ثم الإنتظار في هذا الوضع سبع ثوان ثم يتم إنزال الساق أو إسترخاء عضلاتها لأربع ثوان أيضاً ، ثم يكرر التمرين حيث ما يحدد أخصائي العلاج الطبيعي ذلك . ولكن يجب التوقف عن التمرين عندما يومن هناك ألماً شديداً أو عندما يزيد التمرين الألم بشكل كبير .
  • الجلوس علي الكرسي و مد الساق ثم رفعها مستقيمة إلي مستوي الركبة الأخري و إستمر في هذا الوضع لعشر ثوان أو أقل إذا لم تستطيع ، ثم إنزل الساق للأرض وهي مستقيمة .
  • حاول أن تتعلم عادة إنقباض و إسترخاء العضلة الرباعية في أي وضع أثناء اليوم حيث يجب ان تكرار تنبيه العضلة يزيد من قوتها .
  • يفضل إتباع نظام غذائي متوازن و الذي يحتوي علي نسبة قليلة من حمض البوليك ، فهذا يساعد كثيراً في علاج إلتهابات الركبة الناتجة عن تأكل غضاريفها .
  • الحفاظ علي تدفئة المفصل و البعد عن تيارات الهواء ، يساعد في تقليل الألم .
  • ينصح أخصائي العلاج الطبيعي مريض خشونة الركبة بإستعمال كمدات ماء دافئ ثلاث مرات يومياً ، لمدة ربع ساعة في المرة الواحدة فهذا يعمل علي تنشيط الدورة الدموية في المفصل و بالتالي تقليل الألم .
  • ينصح بتناول الزنجبيل  فهو يعالج إلتهاب المفاصل و يحد من الأثار الناتجة عنه .
  • يعمل زيت بذور الكتان علي زيادة ليونة العظام .
  • الكرفس يساعد في علاج التورم الناتج في المفاصل بسبب النقرس .
  • يخفف عصير الليمون من تورم المفاصل .
  • و يمكنك إستخدام بعض الزيوت العطرية لعلاج خشونة الركبة : توجد في الصدليات الكثير من المستحضرات التي تتركب من بعض الزيوت العطرية مثل زيت النعناع و زيت الكافور و زيت القرنفل و زيت القرفة و زيت الزيتون و غيرها من الزيوت التي يمكن إستخدامها في تدليك مكان الألم ، و تعمل علي تخفيف ألم خشونة الركبة .

23 April 2015

فن التعامل مع الناس

سلسلة المذكرات التربوية التوجيهية 2
فن التعامل مع الناس
       اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد
عبدالرحمن بن فؤاد الجار الله
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين...
أما بعد:
فلما كانت الدعوة إلى الله عز وجل تحتاج من الداعية حسن التعامل والسياسة مع من يتعامل معه؛ لذلك اعتنت المؤسسات التربوية بهذا الموضوع وقدمته للمنتمين إليها, تحت عنوانين عدة تندرج ضمن هذا الموضوع , وكان أصل هذا الموضوع دورة ألقيت على مجموعة من الطلاب .
وكان من فضل الله علي أن يسر لي نسخة من مادة الدورة فقمت بكتابتها والإضافة عليها وترتيبها أسأل الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم. إنه جواد كريم.وبعد:
فإن موضوع فن التعامل مع الإنسان - كبيرٌ جداً - تعتني به كل الشعوب في العالم ومن بينها الشعوب الإسلامية .
ولدى الغربيين معاهد خاصةٌ يُدرَّسُ فيها ما يسمى بالمهارات الاجتماعية. كيف يتحدث الإنسان؟ كيف يكسب الثقة بنفسه؟ كيف يكون لبِقاً في الحديث مع الناس؟. والإسلام فيه الكثير من كنوز الآداب ,ومنها آداب التعامل ,وقد أُعطينا القدوة من الأنبياء وخاتمهم رسول الله عليهم الصلاة والسلام جميعاً.
ولكن المسلمين لم يستطيعوا أن يستفيدوا منها ولم يتجاوزوا حتى الآن مرحلة التنظير (مرحلة الفكر) يقال: من آداب الصحبة كذا, ومن آداب العشرة كذا, ومن آداب الحديث كذا. وقليلٌ من الناس من يتدرب ويُدرِّب قومه. فليس هناك تدريبٌ عملي إلا نادراً فالقالب هو التعليم وليس التربية, والتدريب العملي هو المطلوب (1).وهو محور الكلام في هذا البحث:
عناصر البحث:
• اختلاف الطباع وأساليب التعامل .
• التعامل مع الإنسان .
• الدوافع التي تحرك المسلم إلى حسن التعامل .
• قواعد ثابتة في التعامل .
• الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك.
• كيف تكسب الآخرين وتؤثر في الناس ؟ (أساليب التعامل).
• خاتمة.
أولاً : اختلاف الطباع وأساليب التعامل:
الناس منذ خلقهم الله وهم مختلفوا الطبائع والرغبات والميول. روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: "الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودٌ مجندةٌ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" (2).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صل الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب" (3).
وتمثل بعض الشعراء بهذا المعنى، فقال:
الناس كالأرض ومنها هُُمُ *** فمن خَشنِ الطبع ومن ليِّنِ
فجنـدلٌ تدمـى بـه أرجـلٌ *** وإثـمدٌ يـُوضـع في الأعـينِ
ويُعلم بداهةً أن معاملة هذه الاختلافات معاملةً واحدةً لا يستقيم. فما يلائم هذا لا يناسب ذاك، وما يحسُنُ مع هذا لا يجمل مع غيره. لذا قيل: (خاطبوا الناس على قدر عقولهم).
فكان شأنه صل الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم وينزل الناس منازلهم. ففي فتح مكة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المنادي أن يعلن في الناس أن من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ألا ترى أن دار أبي سفيان لم يكن لها ما يميزها عن دُور أهل مكة، وأن دخول هذه الدار أو غيرها سيّان؟.
ومنها توزيعه صل الله عليه وسلم بعض أموال الغنائم والفيء على أناسٍ دون أناس.وكذلك تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كُلٌّ بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون، ومعرفة الدخول إلى قلوبهم(4).
ثانياً: التعامل مع الإنسان:
الإنسان كما هو معلومٌ مكونٌ من عدة قضايا ,فهو ليس آلةً من الآلات, وإنما هو إنسانٌ بروحه وجسمه وعقله ومشاعره وهو محتاجٌ لتغذية هذه الأمور كلها .وبعض الناس يخطئون عندما يتعاملون مع الإنسان في الجانب الدعوي مثلاً: إذ يتعاملون مع الفكر فقط أو الفعل فقط دون أن يهتموا بمشاعر الإنسان الذي يتعاملون معه. كأصحاب المصانع الذين يتعاملون مع الجسم: كم ينتج؟ كم ساعة يعمل؟، ويهملون جانب الفكر وجانب العقل وجانب المشاعر.
كثيرٌ من الناس يهملون جوانب وقضايا من قضايا التعامل مع الإنسان، ولكن لابد من التركيز عليها كاملةً حتى يكون التعامل مع الإنسان شاملاً ومؤثراً. هذا التعامل الذي أكتب عنه يختلف الأثر الناتج عنه بحسب محتوى الكلام، أو طريقة الكلام، أو السلوك المصاحب للكلام، فقد يقول إنسانٌ كلاماً معيناً تحس منه أن هذا الإنسان يقوله من قلبه، وآخر يقول الكلام نفسه غير أنك تحس أنه يقوله من فمه. شخصٌ يقول: جزاك الله خيراً، وثانٍ يقول: الله يجزيك الخير (5)، وثالثٌ يقول: جزاك الله خيراً (6).
فستشعر أن الثاني والثالث يقولان الكلمة من قلبيهما، وهذا يحتاج إلى تدريبٍ وإلى ممارسةٍ، فإنسان يكلمك وهو ينظر إليك فـهو يحترمك ويقدرك، فهذا يختلف عن إنسانٍ يكلمك وهو ينظر إلى ورقة أمامه أو إلى مكان آخر، حتى إذا سكت عن الحوار قال لك: تفضل أكمل وهو ينظر إلى الأرض مثلاً. إن هذا غير مهتمٍ بك.
تلك أمثلةٌ متعلقةٌ بالسلوك المصاحب للكلام (7).
وهناك أمثلةٌ تتعلق بمحتوى الكلام أو طريقته أو كيفية التعامل العملي مع الناس تأتي ـ إن شاء الله ـ ضمن البحث والمهم أن يتم التدريب العملي على كيفية التعامل.
ثالثاً: الدوافع التي تُحرِّك المسلم إلى حُسنِ التعامل:
أولاً: أن يكون من خير الناس أو خيرهم:
فالمسلم يبحث عن رضا الله ومحبته، وأن تتحقق الخيرية في نفسه ويكون من خير الناس أو خيرهم.يقول الرسول صلَّ الله عليه وسلم: "خير الناس أحسنهم خُلُقاً" (8) فالمسلم لايُحسِّنُ خلقه ليكسب مصلحة، إنما لكسب رضا الله عز وجل، وهنا تستمر الأخلاق سواءاً رضي الناس أم لم يرضوا، تحسنت العلاقة أم لم تتحسن، كسب الود أم لم يكسب، فالأجر ثابتٌ على أيَّة حالٍ، وهذا هو ضمان الاستمرارية، ويقول صل الله عليه وسلم: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار" (9)، ويقول الرسول صل الله عليه وسلم: "المؤمن يألف ويؤلف ولاخير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس" (10).
ثانياً: الأخلاق الحسنة مأمورٌ بها:
إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس وهذا عينُ العقل. يقول الله عز وجل: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ".
والموعظة الحسنة هي محتوى الكلام الذي يدعو إلى شيء طيب.
وقد وصف الله تعالى رسوله صل الله عليه وسلم بأنه ليِّن الجانب، وهو إن لم يكن كذلك لخسر الناس ولانفضوا من حوله وهم الصحابة رضي الله عنهم وهو الرسول صل الله عليه وسلم، فلم يقل صل الله عليه وسلم من أراد فليأت، ومن لم يرد فلا يهمنا أمره، إنما كان حريصاً عليهم. يقول تعالى: "فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". أي لو كنت يا محمد يا رسول الله فضاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" فإن من وسائل المعاملة الحسنة: أن تعفو عنهم، وتستغفر لهم. أي: أن تتجاوز عن الأخطاء وتغض الطرف عنها وتستغفر لهم. فتلك وسيلةٌ من وسائل تشجيعهم وتنمية السلوك الطيب فيهم. وتشاورهم في الأمر أي: تحترم رأيهم وتقدرهم وتعطيهم شيئاً من القيمة عندما تتعامل معهم، فما أسهل الناس وأنت تشاورهم، وما أقربهم منك وأنت تقدرهم. يقول ميمون بن مهران: "التودد إلى الناس نصف العقل" فالذي يتودد إلى الناس يعتبر مسلكه هذا نصف العقل ولكن بشرط أن يكون ودوداً وعاقلاً (11).
رابعاً: قواعد ثابتة في التعامل:
هناك قواعد ثابتةٌ ومشتركةٌ بين كل شعوب العالم وهي تنطلق من الفطرة، يستوي التعامل فيها مع المسلم وغيره.
لنتعلم هذه القواعد أو بعضها حتى نمارسها عملياً وقد تمتد تلك الممارسة إلى سنواتٍ حتى نتخلص من طبع سيءٍ يكرهه الناس, أو نكتسب طبعاً طيباً يحبه الناس فمن هذه القواعد المشتركة: أن حديثنا وموضوعنا عن التعامل مع الأسوياء من الناس، أما الشواذ فتكون لهم معالجة فردية. فالسويُّ من إذا أكرمته عرف المعروف، والشاذ من يتمرد إذا أنت أكرمته.
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
 تختلف طريقة التعامل تبعاً لاختلاف العلاقة: الوالد مع ولده، الزوج مع زوجته، الرئيس مع مرؤوسه، والعكس. أن التعامل يتغير باختلاف الأفهام والعقول. فالرجل الذكي الفاهم الواعي تختلف طريقة تعامله عن الشخص الآخر المحدود العقل المحدود الفهم المحدود العلم، فالحديث معه يكون مناسباً لطبيعته وقدرته على الفهم. يختلف أسلوب التعامل أيضا باختلاف الشخصية. فطريقة التعامل من شخص شكَّاكٍ وحسَّاسٍ تختلف عنها مع شخصٍ سويٍّ, فالطريقة تختلف باختلاف الشخصيات والصفات التي تكون بارزةً فيهم.خامساً: الطُعم المناسب هو الذي يصطاد السمك:
يقول المؤلف دايل كارنيجي: "من هواياتي أن اصطاد السمك، وبمقدوري أن أجعل الطُعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة، لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام، ذلك أنني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة، فالسمك هو الذي سيلتهم الطُعم... وهو يفضل الديدان فإذا أردت اصطياده قدَّمت له مايرغب فيه.
والآن. لماذا لا نجرب الطُعُومَ مع الناس؟
لقد سئل لويد جورج السياسي البريطاني الداهية، عما أبقاه في دفَّة الحكم مع أن معاصريه من رجال الدول الأوربية الأخرى لم يستطيعوا الصمود مثله، فقال: (إنني أُلائم بين ما أضعه في السنارة وبين نوع السمك).
والواقع أن "الطُعم" هذا مهمٌ للغاية... ذلك أن علاقتك مع الآخرين تُهمهم أيضا بقدر ما تهمك أنت, فحين تتحدث إليهم حاول أن تنظر بعيونهم، وتعبر عما في نفسك من زاويتهم وبمعنى آخر أبدِ لهم اهتمامك بهم، أكثر من اهتمامك بمصلحتك الشخصية، اجعلهم يتحمسون لما تريد منهم أن يفعلوه عن طريق اتخاذ الموقف من جانبهم"(12)
سادساً: أساليب التعامل مع الناس:
في هذا العنصر أتطرق إلى بعض القضايا التي يحبها الناس وبعض القضايا التي يكرهونها، وتؤثر فيهم سلباً وإيجاباً وهذه الأساليب تجارب ناجحةٌ، لأن قدوتنا فيها هو نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام. وهذه الأساليب لها شواهد من السنة ومن الواقع المُجرَّب أذكر منها مايناسب، فمنها:
1ـ الناس يكرهون النصيحة في العلن:
لا يختلف اثنان في أن النصيحة في العلن يكرهها الناس, لأن كل الناس يكرهون أن تبرز عيوبهم أمام غيرهم, كل الناس مسلمهم وكافرهم. ولكن أخذ الفرد ونصحه على انفراد أدعى للقبول وأدعى لفهم المسألة .
2ـ لا تلُم أحداً عساكَ ألاّ تُلام (لا تُكثر من لوم الناس):
الناس يكرهون من يؤنب ويوبّخ في غير محل التأنيب ومن غير تأنٍ ودون السؤال والاستفسار، بل من الخطأ أن يتمادى الإنسان في التأنيب بعد أن يعتذر صاحبه ومن يتحدث معه فالناس جميعاً ومنهم نحن عاطفيون أولاً، ثم أصحاب منطقٍ وعقولٍ في الدرجة الثانية. إن لنا نفوساً ذات مشاعر وأهواء، وهي تريد من الآخرين أن يحترموها كما هي. فلماذا تحاول مناقضة نفوس الآخرين، بينما تعرف أن نفوسنا من نفس النوع؟ إن اللوم والتأنيب مُرُّ المذاق ثقيلٌ على النفس البشرية فحاول تجنبه حتى تكسب حُبَّ غيرك.
3ـ من الحكمة أن تُسلم بخطئك حين تخطيء:
إن الاعتراف بالخطأ يزيل التحامل الذي يمكن أن يتولد في صدر الخصم أولاً، ومن ثم يخفف أثر الخطأ ثانياً... فحين ترى أنك على خطأٍ اعمد إلى التسليم به، وهو كفيلٌ بأن يجعل الخصم يقف منك موقف الرحيم السريع العفو، وعلى العكس من ذلك إذا أصررت على الدفاع عن خطئك. وقديماً قيل :"المقر بذنبه كمن لا ذنب له".
4ـ إيَّاك والأنا:
الناس يكرهون دائماً من ينسب الفضل لنفسه، فإذا حدث إخفاقٌ ألقى بالتبعة على الآخرين وإذا حدث نجاحٌ نسبه لنفسه.جاء في بحثٍ إحصائيٍ قامت به مصلحة التليفونات في نيويورك: أنَّ كلمة (أنا) هي أكثر كلمةٍ ترِّن بها أسلاك شبكتها التليفونية. ومعنى ذلك أن اهتمام الناس كُلٌّ بنفسه، هو الصفة المسيطرة على البشر، فإذا كنت تهتم بنفسك أولاً، ولا تحاول اجتذاب الآخرين بالاهتمام بهم، فكيف تنتظر منهم أن يهتموا بك إذاً؟.
5 ـ لا تُركِّز على السلبيات دون الحسنات:
خذ مثالاً: علاقة المرأة المسلمة بزوجها المسلم، والتي يمكن أن يُعممَ مغزاها في كل قضايا التعامل، يقول صلَّ الله عليه وسلم: "لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" (13). فما أحدٌ يسلم من العيوب فلا زوجة بلا عيوب، ولا صديق بلا عيوب، ولا رئيس ولا مرؤوس، يقول سعيد بن المسيب:"ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه "فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولاتذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
وكم من الناس ننقدهم فإذا رأينا غيرهم حمدناهم.
بكيت من عمروٍ فلما تركته *** وجربت أقواماً بكيت على عمرو
والرسول صل الله عليه وسلم يعطينا المثل فيذكِّرُ بفضل الأنصار، لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات. فقد أخرج البخاري قوله صل الله عليه وسلم: "أوصيكم الأنصار فإنهم كرشي وعيبتي (يعني بطانتي وخاصتي)، فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة)، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" (14). إن هذا قمة الإنسانية والعدل.6ـ الناس يكرهون من لا ينسى الزلات:
الناس يبغضون من لاينسى زلاتهم ولايزال يُذَكِّر بها ويمُنّ على من عفا عنه, فالناس يكرهون ذلك الإنسان الذي يُذَكِّرُ الناس بأخطائهم ويعيدها عليهم مرةً بعد مرةٍ. والله عز وجل يقول: "والعافين عن الناس". ويقول الرسول صلَّ الله عليه وسلم: "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة" (15) فالذي يذكر ويعيد الخطأ يكره الناس الاجتماع به والارتياح إليه.
7ـ احذر من النقد المباشر:
الانتقاد لايحتاج إلى موهبةٍ خاصةٍ أو بذل نشاطٍ كبيرٍ, ففي وسع أي أحمقٍ أن يُشنِّع على رجلٍ ذي عبقرية وتميزٍ وأن يتهمه ويسخر منه. دعنا نحاول أن نفهم الأخرين ونتلمس لهم الأعذار حين تقصيرهم فهذا أمتع من النقد المباشر. فطبيعة البشر تأبى ذلك. نعم، قد ينفذ الشخص المنتقد المطلوب منه ولو كان الأسلوب مباشر وبنقدٍ حادٍ, ولكن لو كانت الطريقة ألطف كان ذلك أدعى للقبول. ولنا في رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أسوةً حسنةً، ومن ذلك ما ورد في قصة القوم الفقراء والذين جاؤوا وكانوا كلهم من مُضَر، وتأثر الرسول صل الله عليه وسلم لما لهم من الفقر فقام وخطب الناس، ثم قال: "تصدق رجلٌ من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع تمره" (16). ولم يقل تصدقوا ولم يعاتبهم على عدم الصدقة، فانظر النتيجة: جاء رجلٌ من الأنصار بِصُرّة كادت تعجز يده عن حملها، بل عجزت، وقدمها للرسول صل الله عليه وسلم فاستهل وجهه وقام الناس وتصدقوا فأصبح عنده كومة من الصدقات، وفرح الرسول صل الله عليه وسلم فقال: "من سَنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً..." الحديث (17). وهكذا.
فاحذر من النقد المباشر الذي لاتكسب منه سوى إيغار الصدور.8ـ الفت النظر إلى الأخطاء تلميحاً وبكُلِّ لباقةٍ:
أنت وأنا والناس جميعا يكرهون أن ينتقدهم غيرهم إلا أننا جميعاً كثيراً ما نفعل أفعالاً تستدعي الانتقاد، فإذا وددت انتقاد الغير وكان هناك موجبٌ حقيقيٌ لذلك ,فكيف نفعل؟.
لنا في رسول الله صلَّ الله عليه وسلم وسلم قدوةً حسنةً، حينما قال لعبدالله بن عمر رضي الله عنه: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل" فنجد أن الرسول صل الله عليه وسلم عالج الخطأ بكل لباقةٍ بل وقدم المدح والثناء قبل لفت النظر إلى الخطأ.
إن المقصود بالانتقاد والتوجيه هو إصلاح الغير مع ضمان عدم إثارة البغضاء في قلبه، ولهذا كان على المنتقد أن يلجأ إلى التلميح بما يراه ناقصاً، ولكن من طرفٍ خفيٍ.
9ـ تكلَّم عن أخطائك أولاً, وقدٍّم اقتراحات مهذبة:
إن افعل هذا، ولا تفعل ذاك لا تعطي نتيجةً طيبةً كقولك: (أليس من الأفضل أن تفعل هذا؟) أو (أليس من الأفضل أن لا تفعل ذاك ؟) ذلك أن الأمر الجازم صعبٌ على النفس أن تتقبله، وحتى لو تقبله الرجل الذي توجه إليه الأمر فإن توجيهك ذلك له يُبقي في نفسه جرحاً غائراً يطول قبل أن يندمل، أما الاقتراح (المهذب) فهو مستساغٌ لا يشعر المرء تجاهه بغضاضةٍ فينفذه راضياً محتفضاً بعزته وتقدير نفسه.
قبل بضع سنوات، قرَّرَ مجلس إدارة شركة (جنرال إلكتريك) إقالة رئيس قسم الحسابات في الشركة وكان مهندساً كهربائياً عبقرياً طالما انتفعت به الشركة, لكنه لم ينجح في إدارة قسم الحسابات أيَّ نجاحٍ، وكانت الشركة تقدر للرجل فضله لكن تود كفَّ يده عن قسمٍ حيويٍّ فيها, فكيف تبلغه ذلك؟.
لقد اخترعت له منصب "المهندس المستشار للشركة" وجعلته عليه ثم سلمت إدارة القسم لشخصٍ آخر... فحاول دائماً أن تحفظ ماء وجه الآخرين.
10ـ لا تعامل الناس باستعلاء:
الناس يكرهون من يعاملهم باحتقارٍ و استعلاءٍ مهما كان هذا الإنسان. روى هارون بن عبد الله الجمال, فقال: (جاءني أحمد بن حنبل بالليل ـ انظروا كيف يكون التصرف يريد أن يصحح خطأً!، فدقَّ علي الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أنا أحمد، لم يقل: الشيخ أحمد، فبادرت وخرجت إليه فمساني ومسِّيته. فقلت: حاجة أبي عبد الله؟ (أي: ما حاجتك؟)، قال: شغلت اليوم قلبي. فقلت: بماذا يا أبا عبد الله؟، قال: جُزتُ عليك اليوم وأنت قاعدٌ تُحدِّث الناس في الفيء (الظل) والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر. لا تفعل مرة أخرى، إذا قعدت فاقعد مع الناس). انظر كيف كانت النصيحة والذي يرويها ليس الإمام وإنما ذلكم الشخص المتأثر بالنصيحة!.
11ـ احترم آراء الآخرين، ولا تقُل لأحدٍ: أنت مخطئ:
حين تبدأ كلامك مع رجلٍ بأن تقول له: ((أنت مخطئ)) أو((اسمع يا هذا: سأثبت بطلان ما تقول))، أو باللهجة العامية: ((ما عندك سالفة ))، أتدري أنك في تلك اللحظة تعني: أنك أيها الرجل تعوزك براعتي و ينقصك ذكائي، قف أمامي ذليلاً لكي أدلك على الطريق الذي بلغه ذهني المتوقد وحكمتي الأصيلة؟ هذا هو المعنى بالضبط... فهل تقبل بأن يوجه إليك أحدٌ مثل هذا القول؟ كلا طبعاً. إذن, فلماذا توجهه إلى الآخرين؟.
قال اللورد شستر فيلد في رسالته إلى ولده: ((يابني... كُن أحكم الناس إذا استطعت، ولكن لا تحاول أن تقول لهم ذلك)). فلماذا يسارع الواحد منا بنشر التأكيد والجزم وحتى في أمورٍ غامضةٍ، لمجرد الادعاء بالعلم، أو مناكفة الغير، أفتظن أن قولك: ((أنت مخطئ)) سيوصلك إلى نتيجةٍ مع من تحدثه بنفس القدر الذي يوصلك إليه قولك: ((قد أكون أنا مخطئاً))، فلنفتش عن الحقيقة. إن إقرارك باحتمال أن قولك غير مصيب لا يُضعف موقفك كما قد يُخيلُ إليك، فالسامعون يتأثرون بك وبنزاهتك وحبك للإنصاف، أما من قابلته مباشرة بتخطئته فيصعب عليك إقناعه بالخطأ بعد ذلك، فهذه طبيعة النفس البشرية فهي تتأثر انعكاساً. فاحترم آراء الغير مهما كانت وصغرت، يحبك الناس ويتأثرون بشخصك، وأكبر دليلٍ على ذلك صبره صل الله عليه وسلم على جفاء الأعراب حين يخاطبوه, يدخل الرجل منهم مغضباً ويخرج وأسارير الرضا على وجهه.
(تقدير عواطف الآخرين وعدم جرح مشاعرهم):
روى ابن إسحاق عن ابن عباس: رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي أحداً من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البَخْتَريّ بن هشام فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبدالمطلب فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرهاً). فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتل آبائنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس، والله لأن لقيته لألحمنه أو لألجمنه بالسيف. فبلغت رسول الله صل الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص أيضرب وجه عمِّ رسول الله بالسيف، فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقة بالسيف فوالله لقد نافق.
فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمنٍ من تلك الكلمة التي قلت يومئذٍ ولا أزال منها خائفاً. إلا أن تكفرها عني الشهادة، فقتل يوم اليمامة شهيداً. (الرحيق المختوم ص: 246)
12ـ الناس يحبون من يُصحح أخطائهم دون جرح مشاعرهم:
ويُضربُ مثلٌ في ذلك في أحد الكتب: أن شخصاً ألقى خطاباً (محاضرةً) في عددٍ كبيرٍ، ولكنها كانت طويلةٌ وفيها تفصيلٌ، فملّ الناس، ولما عاد المحاضر إلى منزله سأل زوجته، فقال: ما رأيكِ في المحاضرة؟ قالت: هذا الموضوع يصلح مقالةً رصيفةً في مجلةٍ علميةٍ متخصصةٍ. وقد فهم المحاضر من كلام زوجته أن الموضوع لا يصلح للمحاضرة.
فإياك وقول: أنت لا تصلح لكذا، أو أنت تصلح لغير ذلك.
13ـ اكسب الجدال بأن تتجنبه:
جاء في الحديث الصحيح: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً)) (18).
إن حُبَّ الظهور في معظم الأحيان هو الدافع الأول إلى المجادلة، فأنت تود أن تعرض سعة اطلاعك وحُسن تنقيبك في الموضوع المطروح للجدال، ومثل هذا يُحسِّسُ الرجل الآخر الذي تجادله، فإذا قهرته بمنطقك السليم وفزت عليه، فإنه لن يعتبر ذلك إلا إهانةً منك، وجرحاً لكرامته، وهو قلّما يغفر لك ذلك. بهذا تكون قد اشتريت خصومته دون نفعٍ يصيبك من الشراء.
14ـ ابدِ للناس اهتمامك بهم أكثر من اهتمامك بنفسك: 
الناس يحبون ذلك الإنسان الذي يهتم بهم، وبما يفكرون، وما الذي يشغل بالهم وحينما يتحدثون ينصت إلى حديثهم وينظر إليهم ويلخص ما يقولون ويناقشهم فيه.
15ـ كُن في حاجة الناس: (مثاله: الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ)
إن الناس يُقدِّرون من يسعى في حاجتهم ويشفع لهم, والرسول صل الله عليه وسلم يقول: (أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلمٍ، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولو أن تمشي مع أخيك في حاجته أحبُّ إليَّ من أن تعتكف شهراً). (19)
ولو أدرك العامل والموظف عظم هذا الحديث لأنهى المعاملات في وقتها. 
16ـ قدِّم خدماتٍ للآخرين قبل أن يأمروك:
إن الناس يشيرون بالبنان لمن يعمل ويخدم ويقدم للآخرين لأنه يأسر قلوبهم بفعله، ويكفينا في ذلك قول النبي صل الله عليه وسلم: (وعليَّ جمع الحطب).
17ـ نادِ الناس بأحب أسمائهم, وتعرَّف على أنسابهم:
كان صل الله عليه وسلم ينادي الناس بأحب أسمائهم، حتى الأطفال الصغار كان يكنيهم أحياناً (يا أبا عمير ما فعل النغير؟) وأبو عمير طفلٌ صغير.
"جيم فارلي" ما إن بلغ الأربعين من عمره حتى منحته أربع جامعاتٍ درجاتها الفخرية، وتم تعينه مدير البريد العام في الولايات المتحدة... فما سر نجاحه؟؟ كان يتملك مقدرةً فائقةً على تذكُّر أسماء الناس. كان يلقى الرجل فيتعرف على اسمه الكامل، وأسماء أولاده وأهله المقربين، ويستفسر عن عمله، وميوله السياسية، ونزعاته الفكرية، ثم يختزن كل ذلك في ذاكرته حتى إذا التقى به ثانية سار الحديث بينهما وكأنه لم ينقطع عنه. فيسأله "جيم" عن أولاده وزوجته وأزهار حديقته، وفي لغة يشعر معها المسئول بقرابته الفعلية من قلب "جيم" وعواطفه. وهكذا إذا أردت أن يحبك الناس فاذكر أسماءهم لأن اسم الرجل هو من أقرب الطرق لكسبه.
18ـ أخلق في الآخر رغبةً جامحةً في أن يفعل ما تريد منه:
وهي أن تشعر الإنسان بمحبة الأمر حين تعطيه إياه وكان ذلك هو دأب الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يشوق الناس لما يأمرهم به، فلما أراد أن يُسيّر جيشاً قال: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله) (20) فسار كلُّ فردٍ يتمنى ذلك.
إذا أراد إنسانٌ أن يصرف شخصاً عن طبع سيئ مثلاً فمن الخطأ أن يقف موقف المرشد الناصح في الوعظ، فتِّش عن رغبةٍ يود هذا الشخص بلوغها ثم اربط تلك الغاية بالإقلاع عن هذا الطبع السيئ، وستجده ينصرف عنه فعلاً، طمعاً في الوصول إلى الغاية لا تأثراً بصواب رأيك ابتداءاً. (ولا يُفهم من هذا التقليل من شأن الوعظ).
19ـ البراعة في الحديث:
إن الناس لا يريدون منك أن تتحدث عن تجاربك وخبراتك، فلهم خبرات أيضاً، وخير مُحدِّثٍ هو من يستمع بشغفٍ إلى الآخرين، اسأل مقابلك سؤالاً ودعه يتحدث في تخصصه، بذلك يشعر بالامتنان لك وتظفر بصداقته سريعاً، إذا أتحتَ له فرصة التحدث عن تجاربه وظللت مصغياً له باهتمامٍ، إن الاستماع المشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك فالناس يحبون من يفتح لهم المجال لتحقيق ذواتهم.
20ـ قدّر غيرك تفز بتقديره لك:
إن التقدير من الغير غذاءٌ للنفس كما هو الطعام للجسد، بل إن النفس أرهف حساسيةً وأحلُّ شأناً، قد يصوم المرء وينقطع عن الطعام والشراب، أما عن حاجته إلى تقدير الغير له فلن يستطيع. إذاً... لماذا لا ندع الآخرين يختزنون في ذاكرتهم أنغاماً حلوةً وكلماتٍ محببةٍ عن تقديرنا لهم وشعورنا بأهميتهم؟.
21ـ تكلم فيما تظن أنه يسر محدثك:
إذا أردت إدخال السرور إلى قلوب الناس حدِّثهم فيما تظنهم يودون الاستماع إليه أولاً، وبذلك تستدرجهم إلى التحدث، والحديث الشيِّق اللذيذ فتصغي إليهم بشغف، ويعتبرونك محدثاً بارعاً تستطيع جلب مسرتهم.
22ـ امتدح الناس فيما يجيدونه:
اختر شيئاً جميلاً فيهم وحدثهم عنه ولن تُعدمَ ذلك الشيء الجميل. فالناس يختلفون ويتفاوتون، ولكنه لا يمكن إلا أن تجد شيئاً جميلاً في كل فردٍ منهم, فالناس يحبون أن تمدح الناحية الجميلة فيهم.
23ـ الناس يحبون الشكر والتشجيع:
وإن كان الأصل في المسلم أنه يعمل العمل ابتغاء رضا الله ولا ينتظر شكر الناس، ولكن ذلك طبعٌ في البشر وذلك لا بأس منه شرعاً. روى أحمد والترمذي: ((من لم يشكر الناس لا يشكره الله)) (21) .وكذلك قوله صل الله عليه وسلم: ((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فأكرم الأنصار والمهاجرة)) (22). وكذلك حديث: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه...)) الحديث.
(التشجيع يسر الآخرين):
في روايةٍ أن سعد بن معاذ رضي الله عنه قال لرسول الله صل الله عليه وسلم: (لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقاً عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم, فأضعن حيث شئت، وصِل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخُذ من أموالنا ما شئت، واعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحبَّ إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمرٍ فأمرنا تبعٌ لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البَركَ من غمدان لنسيرنّ معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك). فسُرَّ رسول الله صل الله عليه وسلم بقول سعدٍ ونشطّه ذلك، ثم قال: (سيروا و أبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين). (الرحيق المختوم ص:232)
24ـ ابتسم للناس, يبتسمون لك:
إن قسمات الوجه خيرُ معبِّرٍ عن مشاعر صاحبه, فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلةٍ لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين، قال صل الله عليه وسلم في الحث على البشر والتلاطف: ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة)). (23).
25ـ تهادوا تحابوا:
الهدية قد تكون بسيطةً جداً في قيمتها ولكنها تُدخل سروراً وتُظهر مدى الاهتمامِ بالمهدى إليه, ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن المصطفى صل الله عليه وسلم: ((تهادوا تحابوا)). (24).
26ـ دع الغير يظنُ أن الفكرة هي فكرته:
إذا أردت أن تكسب روح التعاون عند الآخرين فاجعل الشخص الآخر يحس أن الفكرة هي فكرته ؛ فالرجل العاقل إذا أراد أن بتصدر الناس جعل نَفْسَه خلفهم.
27ـ تفهَّم عواطف الآخرين، واستثر عواطفهم النبيلة:
كما أن لك عاطفة تسوقك في كثيرٍ من الأحيان إلى اتخاذ موقفٍ معينٍ، أو تبني رأيٍ خاصٍ, فإن للآخرين عواطف أيضاً، وكما يسرك بأن يراعي الآخرين عاطفتك، فإنهم يسرهم أن تراعي عواطفهم بنفس المقدار.
مهما بدا الناس عتاةً قساةَ القلوب أو لامنطقيين، فإن طبيعتهم الإنسانية هي التي تسود آخر الأمر، إنهم ضعفاء، إنهم يطلبون التعاطف معهم بل والعطف عليهم فإذا قلت لمحدثك:إني لا أوجه إليك اللومَ، إذ إنني سأفعل مثل ما فعلت، لو كنتُ مكانك. فإن هذا كفيلٌ بضمان انجذابه إلى جانبك، واستلالِ كل حقدٍ أو تصورٍ كان من الممكن أن ينشأ بينكما، إذا كنتما مختلفين على أمرٍ من الأمور.
إن استثارة العواطف النبيلة في قلوب الآخرين طريقةٌ ناجحةٌ تماماً في كسب الناس إلى وجهة نظرك، كما أنها لن تؤدي إلى مضرَّةٍ لو قُدِّر لها الفشل.
وخـتـامـاً: 
ليس المقصود من هذا البحث أن تلُّمَ ببعض الحقائق العامة حول السلوك الإنساني، بل إن التطبيق العملي لتلك الحقائق والأساليب هو ما أبتغيه من كتابة البحث.
ولكن لمّا كان اكتساب العادة صعباً، نظل في حاجةٍ إلى يقظةٍ ذاتيةٍ ومحاسبةٍ دائمةٍ فاجعل من نفسك رقيباً على نفسك، وجاهد نفسك ألا تميل مع التخاذل، وطبِّق ذلك مع أبيك، وأمك، وإخوانك، وأقربائك، وأصدقائك، لأنهم ألصقُ الناس بك ومن ثم تتحول هذه الحقائق والأساليب إلى مهاراتٍ اجتماعيةٍ عملية.
* هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين.
.: مراجع استُفيد منها:
 فن التعامل مع الناس. د . عبد الله الخاطر ـ رحمه الله ـ
 كلماتٌ في التعامل. عبد الرحمن عبد الله اللعبون
 كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس؟ (مُترجَم). دايل كارنيجي
 الرحيق المختوم - صفي الرحمن المباركفوري
 أساليب وتجارب استقيتها من أفواه بعض المربين، وتوجيهاتهم.
----------------------
(1) فن التعامل مع الناس - ص: 6
(2) مختصر صحيح مسلم كتاب البر ﻭالصلة باب الأرﻭاح جنود مجندة، رقم الحديث: 1772
(3) سلسلة الأحاديث الصحيحة عن أبي موسى رضي الله عنه - رقم الحديث: 1630
(4) كلمات في التعامل - ص: 25
(5) تقديم لفظ الجلالة (الله) المد فيه يوحي بالصدق ويدل عليه
(6) بالضغط على الحرف المشدد وهو حرف اللام في لفظ الجلالة (الله)
(7) فن التعامل - ص: 8
(8) السلسلة الصحيحة وهو في الصحيحين بلفظ قريب
(9) رواه أحمد من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
(10) صحيح الجامع الصغير من حديث سهل بن سعيد  رضي الله عنه
(11) فن التعامل مع الناس ((بتصرف)) - ص: 13
(12) كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس (ص: 19) من الطائف عن هذا الكتاب: أني سمعت الشيخ عبد الله بن عقيل حفظه الله ينقل عن شيخه الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله أنه مدحه وأثنى عليه.
(13) رواه مسلم نص حديث أبي هريرة  رضي الله عنه
(14) البخاري من حديث أنس بن مالك  رضي الله عنه
(15) مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
(16) أحمد في مسنده من حديث المنذر بن جرير عن أبيه  
(17) مسلم في صحيحه من حديث المنذر بن جرير عن أبيه
(18) رواه أبو داود في سننه، والطبراني في المعجم الكبير وخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة عن أبي أمامة  رضي الله عنه
(19) الطبراني في الكبير والصغير ومجمع الزوائد وكشف الخفاء من حديث ابن عمر  رضي الله عنه    
(20) متفق عليه من حديث سلمة بن الأكوع  رضي الله عنه
(21) رواه أحمد من حديث أبي هريرة   رضي الله عنه، وقال الألباني صحيح الأسناد.
(22) متفق عليه من حديث سهل بن سعد  رضي الله عنه
(23) مسلم عن أبي هريرة  رضي الله عنه، رقم1418
(24) حسنه الألباني (إرواء الغليل) وهو في الموطأ وغيره