22 April 2015

وظائف اليوم والليلة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - أحبتي في الله
جدول المسلم في حياته اليومية
أسأل الله لي ولكم الثبات والنجاة نقلته لكم
يقول النبي الكريم : ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله عز وجل , وتكفير للذنوب , ومطردة للداء عن الجسد، ومنهاة عن الإثم))
حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أخرجه الترمذي وغيره عن أبي إمامة.
ولنستمع إلى هذا الحديث العجيب الذي أخرجه ابن حبان وغيره بسند صحيح عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقلنا: حدِّثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله ، فبكت رضي الله عنها وقالت: قام  ليلة من الليالي فقال يا عائشة، ذريني أتعبدُ لربي. قالت: فقلت يا رسول الله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك.
قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بل حُجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، وجاء بلال يؤذِّن بالصلاة فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : أفلا أكون عبداً شكورا ً؟ ثم قال: لقد أُنزلت عليَّ الليلةَ آياتٌ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها: إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ .
وينبغي عند الاستيقاظ أن يبدأ بذكر الله تعالى وأن يراعي الأداب الشرعية كعدم إدخال يديه في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً لنهي النبي  عن ذلك.
ويحافظُ على الأذكار المشروعة عند الاستيقاظ وهي معلومةٌ مبثوثةٌ في مظانِّها من كتب الأذكار، ومما ينبغي التنبيه إليه أن ثمة أحكاماً شرعيةً وسنناً نبويةً ربما غفلنا عنها مع أنها مبثوثةٌ في أقرب الكتب متناولاً كهدي النبي  في قيام الليل وكذكرِ أدعية الاستفتاح وأنواعٍ من أدعية الركوع والقيام منه والسجود والجلوس بينه ونحو ذلك من الأحوال، ومن أحسن من تكلم عليها الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الشهير المبارك: زاد المعاد في هدي خير العباد، ومما ينبغي لقائم الليل: أن يستغل ذلك الوقت المبارك وقتَ السحر بالدعاء والاستغفار.
قال : (ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه،
من يستغفرني فأغفر له). - متفق عليه.
فإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر استُحِب لمن سمعه أن يقول مثل ما يقول المؤذن لقوله : (( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول . ثم صلوا علي . فإنه من صلَّ علي صلاة صلَّ الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) رواه مسلم.
وهذا فضل عظيم كبير يناله العبد بهذا العمل اليسير، فاللهم لك الحمد على عظيم فضلك وإحسانك.
ثم فإذا فرغ من ذلك سُنَّ له أداءُ ركعتي الفجر وهي أهم السنن الرواتب على الإطلاق لمحافظة النبي عليها سفراً وحضراً.
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي  على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر))، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أيضاً: قال رسول الله : ((ركعتا الفجر خير من الدنيا من الدنيا وما فيها))، ويستحبُّ تخفيفُ القراءة فيها، قالت عائشة رضي الله عنها: كان يخففها حتى أقول: هل قرأ الفاتحة أم لا؟ متفق عليه.
ومن السنة قراءة سورتي الكافرون والإخلاص في ركعتي الفجر: ففي الأولى سورة الكافرون، وفي الثانية قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ 
كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه،  وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلَّ الله عليه و سلم كان يقرأ في ركعتي الفجر : في الأولى منهما: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وما أنـزل إلينا… } الآية .. [سورة البقرة 136]، وفي الآخرة منهما: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران64] والحديثان في صحيح مسلم، والأفضل في سنة الفجر وغيرها من السنن، أن تُصلى في البيت لا في المسجد والأحاديث في ذلك كثيرةٌ في الصحيحين وغيرها، ويُستحب لمن صلى سنة الفجر في بيته أن يضطجع على شقه الأيمن قليلاً تأسياً بالنبي  كما ثبت ذلك في الصحيحين من فعله ، واحذر رعاك الله من التمادي في تلك الضجعة فتستلذ للراحة وتذهب عليك الجماعة، ومن طريف ما يذكر في ذلك: أن إماماً معروفاً قدِم من سفر هو ومؤذن المسجد قبيل الفجر وقد بلغ منهم التعب مبلغاً فأخذا ناحية من المصلى الخلفي للمسجد وصليا سنة الفجر بعد أن أذن المؤذن ثم أراد أن يطبقا سنة الاضطجاع، فما استيقظا إلا قبيل الظهر!!
ويُشرع قضاء ركعتي الفجر لمن فاته أداؤها قبل الفجر، ولا بأس بقضائها بعد الفجر مباشرة أو تأخيرها إلى طلوع الشمس، والأمر في ذلك واسعٌ بحمد الله.
ثم يذهب إلى المسجد لشهود صلاة الجماعة وفي ذلك أجرٌ عظيم، والأدلة على ذلك كثيرة مشهورة اقتصر منها على حديثين صحيحين فقط.
أما أولهما: فحديثُ بريدة  مرفوعاً: (بشر المشائين في الظُلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) رواه أبو داود.
وأما الآخر: فقصةٌ يرويها لنا الصحابي الجليل أبيُ بن كعب رضي الله عنه وأرضاه فيقول: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه وكانت لا تخطئه صلاة ، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، فقال الرجل: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يُكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال: قد جمع الله لك ذلك كله)، رواه مسلم.
فإذا دخل المسجد صلى تحية المسجد ركعتين ولو كان قد صلى الراتبة القبلية، ثم ينتظر الصلاة وفي ذلك يقول النبي ، (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) متفق عليه.
وأما فضل صلاة الجماعة فمعلوم والأحاديث فيه كثيرة شهيرة، فإذا فَرَغ من صلاة الفجر سُنَّ للرجل الجلوس في المسجد وللمرأة الجلوس في مصلاها لذكر الله حتى تطلع الشمس لحديث أنس عند الترمذي وحسنه أن من فعل ذلك حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كُتِبَ له أجرُ حجة وعمرة تامة تامة تامة.
وهذه السنةُ: أعني سُنَّةَ المُكث بعد صلاة الفجر لذكر الله حتى تطلع الشمس ثابتة في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة
دون ذكر الصلاة عند طلوع الشمس.
ويُستحب له أن يبدأ الذكر بعد الصلاة بما ورد عن النبي صل الله عليه وسلم دُبُرَ الصلاة وهو أنواع كثيرة أولها الاستغفار ثلاثاً ، 
ثم قول (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ثم ليسرد الأذكار الثابتة عن النبي صل الله عليه وسلم 
كما ذكرها أهل العلم ومنهم شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في نشرة صغيرة الحجم كبيرة الفائدة رحمه الله وغفر لنا وله.
ومما يحسن التنبيه إليه أن ثمة أذكاراً يستثقلها الكسالى من الناس مع سهولتها ويسرها، ومع ذلك فقد زادها الله تسهيلاً وتيسيراً.
من ذلك ما ورد في الصحيحين أن الفقراء أتوا رسول الله  فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور وفي رواية قالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العُلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم، ولهم فضل أموال يتصدقون بها ولا نتصدق، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم "أفلا أعلِّمُكم شيئاً تُدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ؟ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم" قالوا: بلى يارسول الله قال "تسبِّحون وتكبرون وتحمدون، دبر كل صلاة، ثلاثاً وثلاثين مرة" 
فامتثل الفقراء أمرَ نبيهم صلى الله عليه وسلم وعملوا بوصيته فقالوها، ففعل الأغنياء مثلهم! فجاء الفقراء يشتكون فقالوا سمع إخواننا بما قلنا فقالوا مثله فقال : "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم"، ومع يُسر ذلك الذكر وسهولته فإن الله تعالى قد زاده تيسيراً وتسهيلاً.
لنستمع إلى هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد وأبو دواد والترمذي والنسائي من حديث عبدالله بن عمر قال رضي الله عنهما: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير والذي يعمل بها قليل: تسبح الله في دبر كل صلاة عشراً، وتحمده عشراً، وتكبره عشراً، قال: فتلك مائة وخمسون باللسان وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أخذت مضطجعك: تسبحه وتكبره وتحمده مئة فتلك مائة باللسان وألف في الميزان، ثم قال صل الله عليه وسلم: فأيكم يعصي في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة خطيئة ؟!).
ومما ينبغي المحافظة عليه دُبُرَ الصلوات: قراءة آية الكرسي، قال صل الله عليه وسلم (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين دخول الجنة إلا الموت) أخرجه النسائي والبيهقي والحاكم بإسناد حسن.
وينبغي أن يأتي بالأذكار المشروعة أثناء جلوسه لذكر الله بعد صلاة الفجر وهذا دأب الصالحين.
خرج النبي صل الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر فرأى أمَّنا أمَّ المؤمنين جويريةَ رضي الله عنها تذكر الله، ثم رجع عندما انتصف النهار فرآها على حالها تذكر الله، فقال لها: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟!، قالت نعم، فقال صل الله عليه وسلم: ((لقد قلتُ بعدكِ كلماتٍ هنَّ خيرٌ مما قلتِ منذ الصباح: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته))، ولذا سمى العلماء هذا الذكر : الذكرَ المضاعفَ، لما أعده الله لمن قالها من الأجور المضاعفة، وقد كان شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله يطيل المُكثَ لِلذكر بعد الفجر حتى إن ربما أمضى على جلسته ساعات، قال ابن القيم رحمه الله فالتفت إلي مرةً وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغدها سقطت قولي، وذُكر عنه رحمه الله أنه كان يكثر من ترداد الفاتحة في ذكره ذلك قالوا: كان يفعل ذلك لأنها جمعت بين الذكر المطلق: التحميد والثناء على الله، وبين كونها قرآنا تعبَّدنا الله بتلاوته، وقد رأيت الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله يمكث بعد الفجر طويلاً قبل أن يشرع في درسه بعد الفجر وكانت دروسه بعد الفجر أربعة أيام في الأسبوع، فكان الطلاب على كثرتهم يفرَغون من الذكر بعد الصلاة ويأخذون أماكنهم أمامَ الشيخ استعداداً للدرس وينتظرون وقتاً والشيخ في مصلاه مطرقٌ برأسه يذكر الله حتى يفرَغ مما اعتاده من ذكر ثم يقوم إلى مجلسه أمام تلاميذه رحمه الله، وأظن سبب أطالته أنه رحمه الله كان يأتي بالأذكار على أكمل أحوالها ، وسأضرب لذلك مثلاً: قوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير جاء في الحث عليها حديثان اثنان مختلفان وكلاهما متفق عليه.
فالأول: حديث أبي أيوب الأنصاري عن النبي صل الله عليه وسلم أن من قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل.
والثاني: حديثُ أبي هريرة مرفوعاً أنَّ من قالها مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكُتبت له مائةُ حسنة ومُحيت عنه مائة سيئة وكانت له حِرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه.
فهذان حديثان اثنان فمن أتى بمقتضى الأول منهما فهو على خير ومن أتي بالثاني فهو خير وأبر.
فإذا طلعت الشمس ومضى على طلوعها نحو ربع ساعة –تقريباً- فقد حل لمن أراد التنفل أن يتنفل، وهذا هو وقت صلاة الضحى.
إلا أن أفضل أوقاتها حين تَرْمَض الفِصال قال صل الله عليه وسلم: ((صلاة الأوابين حين ترمَض الفصال))، أخرجه مسلم من حديث زيد بن أرقم ، وقوله ترمض الفِصال: يشير إلى شدة الحر، والفِصال: جمع فصيل وهو الصغير من الأبل.
وقد ورد في فضل صلاة الضحى أحاديث كثيرة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قل أن أنام) متفق عليه، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صل الله عليه وسلم 
((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة : فكل تسبيحة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمرٌ بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى))، فإذا قرب وقت الظهر فأمسك عن الصلاة فإنه وقت نهي حتى يُؤذن للصلاة فإذا أذن المؤذن شُرعت راتبة الظهر وهي ست ركعات : أربع ركعات في تسليمتين قبل الصلاة واثنتان بعدها.
وحيث جرى ذكر السنن الرواتب فإني أعرِّج عليها بما يدل على فضلها وتعدادها.
ورد في فضل السنن الرواتب حديثٌ أخرجه مسلمٌ رحمه الله في صحيحه من حديث أمِّنا الكريمة أمِّ المؤمنين أم حبيبة رملةِ بنتِ أبي سفيان رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: (ما من عبدٍ مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بني له بيتاً في الجنة)، ومن هنا استدلَّ بعض العلماء على كون السنن الرواتب اثنتي عشرة ركعة، وهي على هذا النحو: ركعتان قبل الفجر، وأربع ركعات قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، 
أما العصر فليس لها سنة راتبة، وأما حديث عبدالله بن مُغفَّل  المتفق عليه: (بين كل أذانين صلاة)، وحديثه الآخرة الذي أخرجه البخاري مرفوعاً: (صلوا قبل المغرب ثلاثاً قال في الثالثة لمن شاء)، فهما دليلان على استحباب ذلك، لكن ذلك لا يعد في السنن الرواتب، ورغم أهمية السنن الرواتب وعظيم ما أعده الله لمن حافظ عليها إلا أننا نرى كثيراً من المسلمين لا سيما من شبابنا وشاباتنا من يتساهل في المحافظة عليها مع أن ذلك عند السلف أمرٌ مستنكرٌ حتى قال بعضهم: من لم يصل الرواتب لم تقبل شهادته!!، والقيلولة عادةٌ حسنة يُرجى أجرها لمن تحرى اتباع النبي  في كل أحواله ولمن أراد أن يستعين بها على قيام الليل، فإذا صلى الظهر فإن للمسلم مضطرباً واسعاً لذكر الله والصلاة، فإن ما بين الظهرين وما بين العشائين وقتٌ للصلاة، وكان بعض الصالحين يعمرهما بالذكر والصلاة، وليس فيهما سنةٌ خاصة، فإذا أُذِّن لصلاة العصر سُنّ المجئُ بركعتين، لحديث عبد الله بن مغفَّل رضي الله عنه سالف الذكر ((بين كل أذانين صلاة))، وأما حديثُ ابن عمر رضي الله مرفوعاً: ((رحم الله من صل قبل العصر أربعاً))، فالصواب أنه لا يصح، قد ضعفه غيرُ واحد من الأئمة منهم أبو زُرعة رحمه الله، فإذا صل العصر أمسك عن الصلاة لأنه وقتُ نهيٍ وسُنَّ له أن يذكر الله تعالى ، قال عز وجل: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، والأذكارُ كثيرةٌ معلومةٌ موجودةٌ في مظانِّها كما أسلفت، وعلى مريدِ الخير ومحبِّ السنة أن يحفظ منها شطراً صالحاً يذكر اللهَ به.
فإذا أُذِّن للمغرب شُرِع له أن يصلي ركعتين قبلها للحديثين السابقين وهما حديثا عبدالله بن مغفل ، فإذا فرغ من المغرب وراتبتها فله أن يصلي ما شاء حتى العشاء، فقد كان بعض الصالحين لا يبرح مصلاه بعد المغرب حتى يصلي العشاء، وإن استغل ذلك الوقت بحضور حِلق الذكر أو تعليم الناس الخير أو زيارة قريب أو مريض أو أداء واجبٍ أو حق أهل
أو رعاية صبية فهو على خير، وربما كان ذلك أفضل من مكثه للصلاة والتلاوة، ثم يصلي العشاء، وليس له بعد ذلك إلا أن يخلد إلى بيته وراحته، فقد كان النبي  يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، ويُستثنى من ذلك ما يكون من حديث الرجل مع أهله، 
وما يكون من النفع التام كتعليم العلم أو إكرام الضيف، ونحو ذلك فإذا أراد النوم استُحب له أن يتطهر كطهوره للصلاة، لحديث البراء بن عازب المتفق عليه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة))، وفي الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((طهِّروا هذه الأجساد طهركم الله ، فإنه ليس من عبد يبيتُ طاهراً إلا بات معه في شعاره مَلَك فلا ينقلب ساعة من الليل إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً))، ثم يذكر الله بأنواع الذكر وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك، وفي الصحيحين: أن فاطمة رضي الله عنها سمعت بقدوم سبيٍ إلى النبي صل الله عليه وسلم 
فأتته تسأله خادماً فلم تجده ووجدت عائشة رضي الله عنها فأخبرتها، فلما أخذت فاطمةُ وعليٌ رضي الله عنهما مضجعهما 
دخل عليهما النبي صل الله عليه وسلم فقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟، تسبحان وتحمدان وتكبران ثلاثاً وثلاثين، 
فهو خير لكما من خادم، قال علي كرم الله وجهه: فما تركتها منذ سمعت ذلك من رسول الله صل الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صِفِّين؟ قال ولا ليلة صِفِّين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ما معناه: في ذلك دليل على أن هذه الكلمات تعين صاحبها على العمل في يومه فقد أمرهما بذلك عندما شق على فاطمة شغل البيت، وأما الوتر فإن الأولى تأخيره إلى آخر الليل إلا لمن خاف أن يغلبه النوم فليأخذ بالغريمة ويصلِّه قبل نومه، وأقل الوتر ركعة واحدة، وأفضله إحدى عشرة ركعة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن صلاة النبي صل الله عليه وسلم في رمضان فقالت: ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً، والسنة قراءة (سبح اسم ربك الأعلى) و (الكافرون) في الركعتين اللتين تسبقان آخر ركعة، وقراءة (قل هو الله أحد) في الركعة الأخيرة من الوتر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن أصر على تركه فإنه ترد شهادته"، ثم قال: "والوتر أوكد من سنة الظهر والمغرب والعشاء"، وقال رحمه الله: "لكن هو باتفاق المسلمين سنةٌ مؤكدة لا ينبغي لأحد تركه" انتهى كلامه رحمه الله.
هذا ما تيسر جمعه من وظائف اليوم والليلة، والله تعالى أعلم
وصلَّ اللهُ وسلَّم وبارك على نبينا محمدٍ وآلهِ وصحبه أجمعين
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك