تاريخ الإضافة: 24/11/2012 ميلادي - 11/01/1434 هجري
زيارة: 13649
السؤال
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله
ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتم النبيين والمرسلين، وبعدُ:
فجزى اللهُ
القائمين على هذا الصَّرْح العظيم الثقافي المعرفي، والذى يُسْهِم بشكلٍ كبيرٍ -
بعد فضْل الله تعالى - في حلِّ مشاكل الناس الذين يُعانون مِن مشاكلَ نفسيةٍ أو
اجتماعيةٍ، وأسأل الله تعالى أن يجعلَ هذا العملَ في مَوازين حسناتكم،
آمين.
تبدأ مُشكلتي
منذ طفولتي، والتي كبرتْ معي حتى الآن، تربَّيْتُ على التدليل والخوْفِ الزائد مِن
أمي، وخوف أبي عليَّ مِن مُواجَهة المجتمع! فترتَّب على ذلك أني أخاف من المجتمع،
وطوال حياتي لم أجدْ إلا مجتمع أسرتي وأقربائي لأتحدث معه.
ولَّدتْ هذه
المشكلةُ لديَّ شعورًا بأن هناك حاجزًا كبيرًا بيني وبين الناس إلَّا أسرتي، أشعر
أني وحيد حتى في وُجود الأصدقاء، أشعر بالجفاء، لكنِّي أُعامِل الناس كلهم بالحسنى،
وبكلِّ أدبٍ واحترامٍ.
ما أعجب له
أنني مع أهلي في غاية الإيجابيَّة، والسعادة، وانشراح الصَّدر، وطلاقة اللسان،
وبدأتْ صدمتي عندما التحقتُ بالجامعة، مما اضطرَّني أن أقف وجهًا لوجه أمام
أصدقائي!
فلما حصلت
المواجهةُ ظهرت المشكلةُ الثانية وهي الخوفُ، والتلعثمُ في الكلام، والقلق، وتشتيتُ
الذِّهن، وعدم وُضوح الفكرة، وعدم فَهْم الآخرين، والسلبيَّة؛ أي: سلبية التواصُل
مع الآخرين، ومِن ثَم أشعر أنَّ الآخرين ينظرون إليَّ، وكأني طفلٌ لم ينضجْ عقله
بعدُ، أو يتناسوني، كما أشعر أن الجميع ينظرون إلى تعابير وجهي، وهذا ما يشعرني
بالإحباط والعُزلة، وعدم حبِّ الاجتماعات، وعدم الارتياح.
أريد أن أعرفَ - بارك
الله فيكم - ما العلاج؟ وهل تُعدُّ القراءةُ الكثيرةُ من خطوات العلاج؛ حيث إنِّي
قليل القراءة جدًّا، وأَمَلُّ سريعًا من النظَر في أيِّ كتاب؟ فما الحل - بارك الله
فيكم؟
الجواب
بسم الله
الموفق للصواب
وهو
المستعان
أيها الأخ الفاضلُ، إنَّ الذي تشتكيه مِن
مخاوف وحصر واضطرابٍ عند مُواجهة الناس يُسمَّى:
القلق الاجتماعيSocial Anxiety، ويكمُن
علاجُه في فَهْمِه، فالقلقُ الاجتماعيُّ لا يحدث بسبب المواقف الاجتماعيَّة، بل
نتيجة الأفكار السلبيَّة التي تدور بين الشخص القلق اجتماعيًّا وبين نفسه.
العلاج:
أولًا: تحديد الأفكار السلبيَّة
التلقائيَّة:
وهي الأفكارُ السلبيَّة التي تسبق الموقف،
وتُحرِّك شعور القلق الاجتماعي لديك؛ نحو قولك:
- "أشعر أنَّ الآخرين ينظرون إليَّ، وكأني
طفلٌ لم ينضجْ عقله بعدُ، أو يتناسوني".
- "أشعر أن الجميع ينظرون إلى تعابير
وجهي".
ثانيًا: مُناقَشة الأفكار
السلبيَّة وإبطالها:
فتفكيرُك في وجودِ حاجزٍ يفصل بينك وبين
الناس، وبأنك وحيدٌ، وغير قادرٍ على التواصُل اجتماعيًّا، وأنَّ صورتك في عُيون
الناس ليستْ سوى صورةٍ لطفلٍ أو شخص غير ناضجٍ - هو تفكيرٌ خاطئٌ، فهذه أفكارُك
الجوالة في نواحي عقلك، لا حقيقة ما يجول في عُقول الناس وتصوُّراتهم، ثم اسأل
نفسك: "أحقًّا هناك حاجز يفصل بينك وبين الناس؟!"، كلَّا، فهذا حاجزٌ وهميٌّ، بنتْه
مخاوفُك وأسلوب الحماية المفرطة الذي انْتَهَجَه أبواك الكريمان أثناء تنشئتك
الاجتماعية.
"أأنت وحيدٌ؟"، كلَّا، فلديك أهلك، وذوو
قرابتك، وأصدقاؤك الذين لم يدع لهم القلقُ الاجتماعي فرصة التعرُّف إليك،
وهكذا.
ثالثًا: ضبط النَّفس:
عند الشُّعور بالقلَق تبدأ الأعراضُ
الجسديَّةُ في الظهور؛ كالشعور بالاختناق، وعسر التنفُّس، وخفقان القلب، وتشنُّج
العضل، وكلما ركزتَ فكرك في هذه الأعراض خلال الموقف الاجتماعي؛ ازداد ظهورُها،
وعلاج ذلك يكمُن في التنفُّس بعمقٍ لمدة دقيقتين؛ لاستعادة هدوئك النفسي.
رابعًا: مُواجَهة
المخاوف:
إذا استسلمت للقلق الاجتماعيِّ؛ فسينتهي بك
إلى العزلة الاجتماعيَّة، وهو ما ذكرتَه بنفسك في آخر الاستشارة حين قلت: "وهذا ما
يشعرني بالإحباط والعُزلة، وعدم حبِّ الاجتماعات، وعدم الارتياح"، فلا تستسلم
لمخاوفك وقلقك، بل استمر في مُواجهة الناس، ومخالطة الأخيار منهم.
خامسًا: بناء العلاقات
الاجتماعية:
وذلك من خلال اتباع الوسائل والطرق
التالية:
- العمل التطوُّعي الخيري.
- الانخراط في الأنشطة الاجتماعيَّة التي
تُنظِّمها الجامعة.
- التسجيل في الأندية الرِّياضيَّة.
- التدرُّب على المهارات الاجتماعيَّة،
انظر فضلًا في استشارة: "كيف أكتسب
مهاراتٍ اجتماعيةً؟"، إجابة الزميلة العزيزة/ أ. أسماء مصطفى لمزيد
فائدة.
سادسًا: بناء الثقة في
النفس:
انظر فضلًا في استشارة: "الفشل وعدم الثقة بالنفس"، إجابة الزميلة
العزيزة/ أ. شروق الجبوري، واستشارة: "كيف أتخلَّص من الانطواء وفقدان الثقة؟"، إجابة
الزميلة والصديقة الغالية/ أ. أريج الطباع، واستَفِدْ من الدورات، والمحاضرات
الصوتية المرفوعة على اليوتيوب.
سابعًا: توقيف التَّركيز على
الذات:
في القلق الاجتماعيِّ يُصبح التركيزُ على
الذات متورمًا، ويصبح الذِّهن مشغولًا برأي الناس فيك، وماذا تشعر في تلك اللحظة من
اضطراباتٍ نفسيَّة وجسديَّة؟ والمطلوبُ للعلاج أن تنقلَ تركيزك من ذاتك إلى الشخص
الذي تخاطبه.
ثامنًا: تجنُّب الأطعمة والأشربة
والعادات الخاطئة المثيرة للقلَق:
- التقليل مِن تناول الكافيين
الموجود في الشاي، والقهوة، والبيبسي، وأشربة الطاقة، والشوكولاتة.
- قطع التدخين.
- ترْك السَّهَر.
تاسعًا: العلاج
بالقراءة:
من خلال مطالعة الكُتُب المتخصِّصة في علاج
القلق الاجتماعي معرفيًّا؛ مثل:
1.كتاب
"خطة العلاج النفسي"؛ تأليف: د آرثر. ى . جونجسما
و ل. مارك بيترسون، ترجمة: عادل الدمرداش ولطفي فطيم.
2.كتاب
"العقل فوق العاطفة"؛ تأليف: كريستين باديسكي
ودينيس جرينبرغ، ترجمة: د. مأمون المبيض.
عاشرًا: الاستعانة بالله - عز وجل - والذِّكر
والدُّعاء؛ لقول المولى - عزَّ وجلَّ -: ﴿ أَلَا
بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
والله -
سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/46920/#ixzz3DT308Kmn